هل يراجع حزب الله حساباته عقب اغتيال الرئيس الحريري بدأت حملة واسعة إعلامية وسياسية, بل ودعائية من قبل فريق الوصاية والرعاية والهيمنة الذي يقوده »حزب الله«, تؤكد وتوثق وتعقد اللقاءات والندوات والمحاضرات وتستصدر التصريحات التي تتحدث عن دور مجموعة إسلاميي أستراليا في عملية الاغتيال, واطل أحد المسؤولين حينها ليقول على إحدى شاشات التلفزيون أن استشهادياً نفذ العملية, ثم انتقل هذا الإعلام وسياسييه وأبواقه جميعها حتى أيام قريبة لتتحدث عن دور مجموعة ال¯13, في عملية الاغتيال متهمةً المؤسسات الأمنية بتجاهل اعترافات هذه المجموعة بهدف تسييس التحقيق واتهام سورية, وخرجت علينا إحدى الوسائل الإعلامية تتحدث عن بعض الشخصيات العرب والفريق الأميركي الذي يسعى الى زرع الفتنة في لبنان والعالم العربي وضرب المقاومة, واستهداف دول الممانعة والمقاومة وأولها سورية الأسد, كل هذا كان يصدر ويعلن رغم أن اللجنة الدولية المكلفة التحقيق لم تصدر بيانها الاتهامي ولم تلمح ولو مرة واحدة إلى سورية أو »حزب الله« أو سواهما في عملية الاغتيال, ولكن الحملة كان لا بد منها لحماية السلم الأهلي المهدد بالقرار الظني المسيس كما يقول هؤلاء ويدعي بعضهم, واليوم يطل علينا حسن نصرالله مستخدماً أرشيفه القديم الجديد ليشير إلى الدور الإسرائيلي في عملية الاغتيال. العامل الإسرائيلي عامل جدي ومفترض ولا يمكن تجاهله أو المرور عليه من دون تمحيص وتدقيق, ولكن المعطيات والحقائق والأدلة هي في نهاية الأمر من يحسم طبيعة القرار الظني وتحديد الجهة الفاعلة.ومن المستغرب, بل من المضحك أن العناوين الإعلامية والسياسية التي كانت تطل منذ أيام لتتهم هذا الفريق أو ذاك وقفت اليوم تؤكد على الدور الإسرائيلي المفترض في الاغتيال, كل اللبنانيين يتمنون بل يصرون على أن تكون إسرائيل هي الفاعل والمنفذ سواء مباشرةً أو من خلال عملائها الكثر على الساحة اللبنانية, ووزير العدل يتحدث عن 150حالة عمالة يتم محاكمتها اليوم أمام المحاكم اللبنانية, ولكن الأمور لا تسير بهذا الشكل فلا التمنيات تنفع ولا الرغبة تعالج المشكلة.في خطاب سابق تحدث نصرالله عن ضرورة أن تقوم قوى »الرابع عشر من آذار« بمراجعة مواقفها ومسارها خلال الفترة الماضية واليوم هو نفسه مطالب بمراجعة سياسته الإعلامية والدعائية التي كادت أن تودي بالبلد وسلمه الأهلي خصوصا وأن نصرالله تجاهل مجموعة كاملة من الاغتيالات طالت صحافيين وسياسيين ومواطنين وناشطين والجريمة السياسية لم تبدأ بالرئيس الحريري لتنتهي عنده بل استمرت وبوتيرة متصاعدة, كما أن نصرالله في خطابه الذي تضمن أرشيفاً تاريخياً لم يتوقف عند ظاهرة إطلاق النار وتوزيع الحلوى في مناطق نفوذه ابتهاجا عقب كل اغتيال. إلى درجة أن إحدى المذيعات استعجلت بعض الأسماء لتغيير المعادلة, هل هذه الممارسات كانت تجري بالتناغم مع إسرائيل عقب كل عملية اغتيال, أم أنها المصالح المشتركة, أم انه الهروب إلى الأمام وسياسة شراء الوقت لعل وعسى متغيرات كبيرة وضخمة تطرأ على المنطقة فتطيح بالمحكمة الدولية وبقوى الرابع عشر من آذار, كما جرى مع النائب وليد جنبلاط الذي يسعى لتحييد طائفته عن تداعيات أي قرار ظني, وكما يجري يومياً منذ أيام حيث يستدعي نصرالله بعض الأسماء والجمعيات من الطائفة السنية التي تدور في فلكه وتحظى برعايته ليستصرحها بما يتناسب مع توجهاته أو لتبليغها إرشاداته وقراراته, وقبل ايام نشرت إحدى الصحف المقربة من حزب الله أن القرار الظني سوف يتم تأجيله, إذا المطلوب شراء الوقت بعد أن شعر حزب الله أن سورية اليوم ليست سورية الأمس, وان حماسة سورية في الدفاع عن حزب الله في حال صدر القرار الظني ليست بقدر الحماسة التي مارسها »حزب الله« في الدفاع عن سورية حين كانت تتهم من قبل الفريق الآخر, ما علينا سوى الانتظار ومشاهدة النتائج لأن حزب الله لعب الورقة الأخيرة في جعبته, في مواجهة المحكمة الدولية فإن هي أخذت بها علينا أن ننتظر سنوات قبل صدور القرار الظني, وإن رفضتها فهذا معناه أن المحكمة مسيسة, وفي كلا الحالين المواطن اللبناني يدفع الثمن من ماله وأعصابه ومستقبل أبنائه وسيبقى لبنان ساحة للصراع. حسان قطب مدير المركز اللبناني للدراسات
هل يراجع حزب الله حساباته
عقب اغتيال الرئيس الحريري بدأت حملة واسعة إعلامية وسياسية, بل ودعائية من قبل فريق الوصاية والرعاية والهيمنة الذي يقوده »حزب الله«, تؤكد وتوثق وتعقد اللقاءات والندوات والمحاضرات وتستصدر التصريحات التي تتحدث عن دور مجموعة إسلاميي أستراليا في عملية الاغتيال, واطل أحد المسؤولين حينها ليقول على إحدى شاشات التلفزيون أن استشهادياً نفذ العملية, ثم انتقل هذا الإعلام وسياسييه وأبواقه جميعها حتى أيام قريبة لتتحدث عن دور مجموعة ال¯13, في عملية الاغتيال متهمةً المؤسسات الأمنية بتجاهل اعترافات هذه المجموعة بهدف تسييس التحقيق واتهام سورية, وخرجت علينا إحدى الوسائل الإعلامية تتحدث عن بعض الشخصيات العرب والفريق الأميركي الذي يسعى الى زرع الفتنة في لبنان والعالم العربي وضرب المقاومة, واستهداف دول الممانعة والمقاومة وأولها سورية الأسد, كل هذا كان يصدر ويعلن رغم أن اللجنة الدولية المكلفة التحقيق لم تصدر بيانها الاتهامي ولم تلمح ولو مرة واحدة إلى سورية أو »حزب الله« أو سواهما في عملية الاغتيال, ولكن الحملة كان لا بد منها لحماية السلم الأهلي المهدد بالقرار الظني المسيس كما يقول هؤلاء ويدعي بعضهم, واليوم يطل علينا حسن نصرالله مستخدماً أرشيفه القديم الجديد ليشير إلى الدور الإسرائيلي في عملية الاغتيال. العامل الإسرائيلي عامل جدي ومفترض ولا يمكن تجاهله أو المرور عليه من دون تمحيص وتدقيق, ولكن المعطيات والحقائق والأدلة هي في نهاية الأمر من يحسم طبيعة القرار الظني وتحديد الجهة الفاعلة.ومن المستغرب, بل من المضحك أن العناوين الإعلامية والسياسية التي كانت تطل منذ أيام لتتهم هذا الفريق أو ذاك وقفت اليوم تؤكد على الدور الإسرائيلي المفترض في الاغتيال, كل اللبنانيين يتمنون بل يصرون على أن تكون إسرائيل هي الفاعل والمنفذ سواء مباشرةً أو من خلال عملائها الكثر على الساحة اللبنانية, ووزير العدل يتحدث عن 150حالة عمالة يتم محاكمتها اليوم أمام المحاكم اللبنانية, ولكن الأمور لا تسير بهذا الشكل فلا التمنيات تنفع ولا الرغبة تعالج المشكلة.في خطاب سابق تحدث نصرالله عن ضرورة أن تقوم قوى »الرابع عشر من آذار« بمراجعة مواقفها ومسارها خلال الفترة الماضية واليوم هو نفسه مطالب بمراجعة سياسته الإعلامية والدعائية التي كادت أن تودي بالبلد وسلمه الأهلي خصوصا وأن نصرالله تجاهل مجموعة كاملة من الاغتيالات طالت صحافيين وسياسيين ومواطنين وناشطين والجريمة السياسية لم تبدأ بالرئيس الحريري لتنتهي عنده بل استمرت وبوتيرة متصاعدة, كما أن نصرالله في خطابه الذي تضمن أرشيفاً تاريخياً لم يتوقف عند ظاهرة إطلاق النار وتوزيع الحلوى في مناطق نفوذه ابتهاجا عقب كل اغتيال. إلى درجة أن إحدى المذيعات استعجلت بعض الأسماء لتغيير المعادلة, هل هذه الممارسات كانت تجري بالتناغم مع إسرائيل عقب كل عملية اغتيال, أم أنها المصالح المشتركة, أم انه الهروب إلى الأمام وسياسة شراء الوقت لعل وعسى متغيرات كبيرة وضخمة تطرأ على المنطقة فتطيح بالمحكمة الدولية وبقوى الرابع عشر من آذار, كما جرى مع النائب وليد جنبلاط الذي يسعى لتحييد طائفته عن تداعيات أي قرار ظني, وكما يجري يومياً منذ أيام حيث يستدعي نصرالله بعض الأسماء والجمعيات من الطائفة السنية التي تدور في فلكه وتحظى برعايته ليستصرحها بما يتناسب مع توجهاته أو لتبليغها إرشاداته وقراراته, وقبل ايام نشرت إحدى الصحف المقربة من حزب الله أن القرار الظني سوف يتم تأجيله, إذا المطلوب شراء الوقت بعد أن شعر حزب الله أن سورية اليوم ليست سورية الأمس, وان حماسة سورية في الدفاع عن حزب الله في حال صدر القرار الظني ليست بقدر الحماسة التي مارسها »حزب الله« في الدفاع عن سورية حين كانت تتهم من قبل الفريق الآخر, ما علينا سوى الانتظار ومشاهدة النتائج لأن حزب الله لعب الورقة الأخيرة في جعبته, في مواجهة المحكمة الدولية فإن هي أخذت بها علينا أن ننتظر سنوات قبل صدور القرار الظني, وإن رفضتها فهذا معناه أن المحكمة مسيسة, وفي كلا الحالين المواطن اللبناني يدفع الثمن من ماله وأعصابه ومستقبل أبنائه وسيبقى لبنان ساحة للصراع.
حسان قطب
مدير المركز اللبناني للدراسات